من لطمك على خدك
الأيمن ، فأعرض له الآخر
إن اللطم على الخد الأيمن لمهمة
صعبة، إنه لأسهل بكثير على اللاطم أن يرفع يده ويلطمك بيده اليمنى على خدك الأيسر.
أما اللطم على الخد الأيمن يحتاج إلى رفع اليد لأعلى ولجهة اليسار للاطم ثم ينزل
يده على وجه الملطوم، فيكون اللطم خفيفاً نسبياً وبظاهر اليد أي اللاطم يمس خدك في
ظاهر يده لا بكف يده. إن ربنا يسوع المسيح يريدنا أن نتخذ مبادرة تجاه من لطمنا.
هذه المبادرة هي أن نقدِّم له الخد الأيسر وعندها سيلطمنا براحة يده، بكف يده .
نسأل ما الفرق بين اللطم الأول
الذي نتلقاه دون إرادتنا واللطم الثاني الذي نبادر نحن لنتلقاه؟ ومن هو اللاطم وما
نتيجة تقديمنا خدنا الأيسر للطم؟
في اللطم الأول هناك تلامس بين
ظاهر اليد ووجهنا، هذا التلامس هو علامة سيادة صاحب اليد . إذ إن ظاهر اليد هو
للتكبر، يقدم السيد للعبد ظاهر يده ليقبلها، علامة على سيادته من جهة وعلى عبودية
المقبِّل. لنفس السبب قدمت سيدات المجتمع والملكات ظاهر أيديهن للتقبيل فيعلن
المقبِّل بواسطة القبلة؛ أني عبد لكِ تحت إمرتك لا إرادة لي. لذلك فإن اللطم على
الخد الأيمن، هو لطم الأسياد لعبيدهم كأنهم يشمئزون من لمسهم وفي هذا تحقير أكبر.
كثيرون من الذين كانوا يتبعون يسوع هم من البسطاء والعبيد لذلك ذكر ربنا يسوع
المسيح أمثالاً كثيرة عن علاقة العبيد بأسيادهم وعلاقتهم مع بعضهم البعض ( لو 12/35
-38 ، لو 16/1-8 ،متى 18/ 23- 35 ،متى 24/45-51 ...) . المسيح هو ابن الشعب، يحمل
آلامه ويشفي أمراضه، ولا يتكلم عن واقع غريب عن مستمعيه بل يتكلم عن وقائع من صميم
حياتهم. لذلك عندما قال "مَن ضربك"
)فمَن(
هو نكرة مقصودة فهمها سامعوه جيداً أنهم الأسياد. فلا يطلب المسيح من العبد أن يقوم
بثورة مسلحة على سيده، إلا أنه يريد أن يعلِّم العبيد كيف يحافظون على كرامتهم
ويوصلوا رسالة المسيح بالمحبة لينيروا الأسياد. فيطلب المسيح من العبد أو المظلوم
أن أولاً :ألا تستسلم ألا تنهار نتيجة لهذا اللطم، لأن ذلك يعني أنك قبلتَ بأن
تكون عبداً ذليلاً، ثانياً عليك أن تقوم بمبادرة وتوصل رسالة . المبادرة هي تقديم
الخد الأيسر للطم. أي تجبر السيد اللاطم أن يلامسك براحة اليد بكف يده. الكف من
كافأ وفي المنجد " كافأ فلاناً تعني : صار نظيراً له وساواه. الكفاءَة : حالة يكون
بها الشيءُ مساوياً لشيءٍ آخر. وتكافأ القوم : تساووا" . عندما يتقابل شخصان
متساويان يُسلِّم أحدهم على الآخر بملامسة كف اليد، فيعلنان بذلك أنهما متساويان.
إذا أردتَ أن تشجِّع إنسان وتعبِّر عن تقديرك له، تُربت بكف يدك على كتفه. إلى هذا
يدعونا يسوع، أن نقدم الخد الآخر حتى نحطم السيادة والعبودية ونوصل رسالة الخلاص
نعلن أننا متساوون، نعلن أن لنا كرامة ، كرامة أبناء الله. نتيجة تقديم الخد الآخر
يضطر السيد أن يفكر في نفسه كيف لامسته بكف يدي؟ كيف جعلته مساوياً لي ويرى ومضة من
الرؤيا الأخرى، أنه حين ألمس العبد بكفي فقد أعلنت أنه مساوٍ لي. أليس هذا ما أثار
الكتبة والفريسيين وتسألون كيف يجلس المسيح في بيوت الخطأة والزناة لأنه بمجرد
مجالستهم يتدنس منهم . بهذه المجالسة يعلن أنه بمستواهم. وهكذا مع ملامسة كف السيد
للعبد يتدنس منه ويصبحان متساويين.
Posted in:
0 التعليقات:
إرسال تعليق